خلص باحثون وخبراء ومختصون الى التوصية برفع يد الجيش في مصر عن النشاط الاقتصادي بهدف حل الأزمة التي تعاني منها البلاد، التي برزت تجلياتها بشكل واضح في الانهيار الأخير في سعر صرف الجنيه المصري مقابل الدولار.
وجاءت هذه التوصية في الندوة الخاصّة التي نظّمها "منتدى التفكير العربي" في لندن، السبت، وشارك فيها عدد من الكتّاب والصحافيين والباحثين المتخصّصين، وهم النائب السابق في البرلمان المصري الدكتور ياسر عبد الرافع، والكاتب والباحث المصري محمد أبو العينين، فضلاً عن الباحث الدكتور يزيد صايغ، الذي طرح ورقة بحثية ومداخلة مطولة تحدّث فيها عن تشوّهات الاقتصاد المصري وهيمنة الجيش على الاقتصاد وانعكاسات ذلك على الحياة السياسية في مصر.
ارتفاع الديون 400%
وقال صايغ، وهو زميل أول وباحث رئيس في مركز كارنيغي للشرق الأوسط في بيروت، في مداخلته خلال الندوة، إن "حديث الحكومة المصرية مع صندوق النقد الدولي، خلال الفترة المقبلة، سوف ينطلق من تعهّداتها برفع يد الجيش عن النشاط الاقتصادي، وتقليص تدخله في الاقتصاد".
ولفت إلى أن هذا الملف سيتصدّر أية محادثات، وستفشل الحكومة المصرية في مواصلة تجاهل المطالب بإبعاد الجيش عن الاقتصاد. وتابع أنّه مع ذلك، هناك العديد من المؤشرات التي تؤكّد غياب أي نية لدى الحكومة المصرية برفع يد الجيش عن الشركات العامة والنشاط الاقتصادي، لأنّ لا حول ولا قوة لها في رسم السياسة الاقتصادية والاستثمارية في مصر، ولا قدرة لديها على التحكّم بالجهاز العسكري على الإطلاق.
وأضاف صايغ: "مصر وصلت إلى أزمة اقتصادية ومالية حادة جداً، والمديونية العامة زادت بنسبة 400% مقارنة بما كانت عليه قبل وصول الرئيس عبد الفتاح السيسي، وخدمة الديون سوف تستنفد حوالي 50% من الميزانية العامة، ما يعني أن مصر وصلت إلى وضع سيئ للغاية".
وقال إنّ ما يحدث بعد هذه الأزمة ومحاولة حصول مصر على 14 مليار دولار من دول الخليج ما هو سوى تأجيل للأزمة لبضعة أشهر فقط، وتساءل: "ما الذي يمكن أن يحدث بعد هذه المدة؟". لافتاً إلى تراجع رغبة الدول الخليجية في الاستثمار في مصر، جرّاء قلقها من المشاكل الاقتصادية العميقة التي يعانيها اقتصادها.
هيمنة الجيش على الاقتصاد
من جهته، ألقى النائب السابق في البرلمان المصري ياسر عبد الرافع اللوم على "الانقلاب العسكري"، معتبراً أنه "السبب في الأزمة الاقتصادية الراهنة، ولتأكيد ذلك، أشار إلى أنّ عشرات الانقلابات العسكرية التي حدثت في العالم إنّما أدّت الى انهيار العملة المحلية وتدهور الاقتصاد وغلاء الأسعار،وخلص عبد الرافع إلى أن "الانقلاب في مصر لم يُدمر الاقتصاد فقط، بل العديد من القطاعات المهمّة".
بدوره، أكّد الكاتب والباحث أبو العينين أن نشاط الجيش في الاقتصاد المصري لم يعد يقتصر على المشاركة فيه كما كان في السابق، وإنما أصبح يهيمن عليه ويستأثر به بشكل شبه كامل، وأكمل أن هذه الأزمة الاقتصادية الحادّة ناجمة عن الوضع الاقتصادي الذي أصبح مشوّها في مصر.
أمّا رئيس منتدى التفكير العربي في لندن محمد أمين، فقال إنّ تنظيم هذه الندوة يأتي في سياق برنامج شهري، يخصّص فيه المنتدى ندوة شهرية تجمع خبراء وصحافيين وكتاب من عرب المهجر للبحث في قضايا بلدانهم.
وأشار إلى أن اختيار المنتدى هذا الشهر بحث الأزمة في مصر يأتي في سياق الاطلاع على حال مصر عشية ذكرى مرور 12 عاما علِى ثورة 25 يناير، وكذلك في ظل تقارير دولية عديدة، آخرها تقرير صحيفة "الفايننشال تايمز" البريطانية الذي نشر قبيل أيام وحذر من مخاطر عديدة تهدد اقتصاد مصر، ما لم يتم كبح جماح القوات المسلحة ووقف هيمنتهما على الاقتصاد.
يُشار الى أن مصر تعهّدت، مؤخراً، بالحد من الهيمنة العسكرية على الشركات والمؤسسات العامة والنشاط الاقتصادي، وذلك في إطار اتفاقها مع صندوق النقد الدولي الذي اشترط إجراء بعض الإصلاحات من أجل الاستمرار في إقراض مصر وتمويلها.