نشر المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات ضمن حقل الدراسات والأبحاث مراجعة لكتاب: " الفلسطينيون في العالم: دراسة ديمغرافية" لمؤلفيه : يوسف كرباج وحلا نوفل قام بهذه المراجعة الأستاذ مجد أبوعامر تحت عنوان " ديمغرافيا الصراع: استشراف مستقبل الفلسطينيين عام 2050" وهو يرى أن ما يميز هذه الدراسة الاستشرافية أنها شملت الفلسطينيين في كل مكان تواجدوا فيه على شكل مجتمعات سواء في داخل فلسطين أم في خارجها وضمن محيطها في دول ما يعرف بالطوق وفي الشتات العربي و الأجنبي حيث شملت الدراسة(200دولة) تم دراسة حالة المجتمعات الفلسطينية بشكل تفصيلي في (23دولة)منها دول الطوق ودول الخليج العربي مضافا لها العراق ومجموعة من الدول الأوروبية والولايات المتحدة فضلا عن المجتمع الفلسطيني في فلسطين بما في ذلك ما يعرف بفلسطيني (67) وفلسطيني(48) ما جعل هذه الدراسة -في رأي الكاتب- بمثابة حجر الأساس لدراسات أخرى مستقبلية أكثر عمقا تضم المجتمعات الفلسطينية كافة.
وأوضح أبوعامر أن مجتمع الدراسة شمل جميع الفلسطينيين في هذه البلدان بغض النظر عن الجنسية التي يحملونها وأن الباحثين اعتمدوا في جمع بياناتهم على عدة أدوات منها المقابلة الشخصية، وزيارة مراكز للبحوث، وبعض السفارات والقنصليات الفلسطينية. وأن دراستهم وقعت في12 فصلا بحث الفصل الأول الأوضاع الديموغرافية للفلسطينيين داخل فلسطين التي تشهدُ مُنافسة ديموغرافية فلسطينية - إسرائيلية. وتناول الفصل الثاني دراسة الفلسطينيين داخل إسرائيل، الذين يُعتبر تزايدهم مُعجزةً ديموغرافية. في حين ذهب الفصل الثالث إلى الضفّة الأخرى للمُعالجة الديموغرافية للفلسطينيين في الأردن، نافيًا مزاعم "فلسطنة" الأردن بوصفه وطنًا بديلا للفلسطينيين. ودرس الفصل الرابع الفلسطينيين في سورية الذين تكرّر شتاتهم مع انزلاق البلاد إلى أتون حرب أهلية بعد حركة الاحتجاجات الواسعة والثورة التي اندلعت عام 2011 أمّا الفصل الخامس فبحث أوضاع الفلسطينيين في لبنان المُتأثرين بصراعاته السياسية والذين لم يتبقّ أمامهم سوى المطالبة بالحق في الهجرة. بينما سلط الفصل السادس الضوء على الفلسطينيين المُهمّشين في مصر. ثم تتبع الفصل السابع تشكّل الشتات الفلسطيني في العراق الذي بدأ في التلاشي بعد الغزو الأميركي له عام 2003 ورصد الفصل الثامن الوجود الفلسطيني في بلدان الخليج العربية الستّة الذي بدأ منذُ قرابة قرن، وتأثّرهم بالتقلبات السياسية والاقتصادية للمنطقة. في حين اتجه الفصل التاسع نحو استعراض طبيعة الوجود الفلسطيني في فرنسا والمملكة المتحدة وألمانيا، وفي الفصل العاشر استعرض وجودهم في بلدان شمال أوروبا (السويد والدنمارك والنرويج وآيسلندا وفنلندا). وختامًا، قطع الكتاب المُحيط نحو الأميركتين في الفصلين الحادي عشر والثاني عشر، ليدرس الأوضاع الديموغرافية للفلسطينيين في الولايات المتحدة الأميركية وتشيلي.
ويمكن تلخيص ما أورده أبوعامر مستندا إلى نتائج الدراسة بشأن التوقعات الخاصة بالفلسطينيين لعام 2050 في الدول التي شملتها دراسة الحالة على النحو التالي:
- فلسطين: وفقا لما أورده أبوعامر مستندا إلى نتائج الدراسة فإن عدد الفلسطينيين داخل فلسطين المحتلة سيفوق عدد اليهود بفعل الجمود الديمغرافي للفلسطينيين بحيث تكون نسبة الفلسطينين(56%) مقابل (44% )لليهود إذ سيصل عدد سكان الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة من 4700000 عام 2015 إلى 9500000 نسمة وسيزداد عدد فلسطينيي أراضي (1948) من 1427000 عام 2016 إلى 2400000 نسمة عام 2050 .
- الأردن: سيبقى الأردنيون (الأصل) يمثّلون غالبية السُكّان.
- سوريا: سيزيد عدد فلسطينيي سورية اللاجئين إلى الدول الأوروبية نظرًا لتسهيلات التي تُقدّمها قوانين اللجوء في دول الاتحاد الأوروبي التي تعتبرهم معدومي الجنسية (Statelessness) كما سيزداد عدد الفلسطينيين في سورية من 418000 إلى نحو 1200000 بحلول عام 2050 .
- لبنان: ستظلّ أوضاع الفلسطينيين المأساوية في لبنان كما هي نظرًا للواقع السياسي والطائفي، "إلى حين إيجاد حل لمشكلة اللاجئين في إطار التسوية الشاملة ولذلك لم يتبقَ أمامهم سوى الهجرة .
- مصر: ويتوقع أن ينخفض عدد الفلسطينيين، خاصةً مع ارتفاع الهجرة نحو الخليج وكندا ووفيات كبار السن.
- دول الخليج العربي: يتوقّع أنّ يتأثر الفلسطينيون سلبيًا بتقلبات الظروف السياسية والاقتصادية والسياسات الخارجية الخليجية، وأنّ عددهم في دول الخليج العربية بحلول عام 2050 سيبلغ 1096000 نسمة بواقع 57 ألفًا في الكويت، و 414 ألفًا في المملكة العربية السعودية، و 517 ألفًا في الإمارات العربية المُتحدة، و 86 ألفًا في قطر، و 9 آلاف في البحرين، و 14 ألفًا في سلطنة عُمان.
- العراق: يتوقع أن ينقرض المجتمع الفلسطيني في العراق بحلول عام 2050.
- أوروبا والأمريكيتين: بشكل عام يتوقع أن تزاد أعداد الفلسطينيين في هذه البلدان.
كما نوه الكاتب إلى أن الأعداد ستكون عاملا حاسما في تشكيل الدولة الفلسطينية في حالة واحدة وهي وجود دولة علمانية تضم الفلسطينيين واليهود بحقوق متساوية لمواطنيها. أما في حال وجود دولتين فإن الأرقام لا قيمة لها. وكذلك أشار إلى أن الشتات الفلسطيني لا يمكن اعتباره مجتمعا واحدا كما كان سابقا سيما بعد غياب منظمة التحرير الفلسطينية التي كانت تجمع الفلسطينيين وتوجهم نحو توحيد نضالهم تجاه العودة إلى بلادهم حيث أن تقادم العهد وغياب دور المنظمة في التواصل مع فلسطيني الشتات بدأ يشعر الفلسطيني بأنه لا قيمة لصموده داخل المخيم مما دفع بأعداد متزايدة منهم إلى هجرة المخيمات إلى مناطق أخرى أو إلى دول أخرى أكثر بعدا عن فلسطين بسبب الظروف المأساوية التي تعيشها دول الطوق. كما أن الشتات المتكرر للفلسطينيين في لبنان والعراق وسوريا وبعض الدول الأخرى سيلعب دورا خطيرا في تشتيت الهوية الفلسطينية.
وفي نهاية مراجعته يخلص أبوعامر إلى أن كتاب الفلسطينيون في العالم: دراسة ديموغرافية، يعد مرجعًا مهما لأخذ نظرة بانورامية على الأحوال الديموغرافية للفلسطينيين في مناطق مختلفة يوجدون بها من فلسطين ومن العالم، وصولا إلى تشيلي. كما أنّه محاولة للخوضِ في مغامرة تصويب تقديرات أعداد الفلسطينيين في عدّة أماكن، وتوقّع مستقبلهم بحلول عام 2050 فضلا عن كونه يفتح الباب أمام المزيد من الأبحاث المُستقبلية الضرورية للتعرّف إلى تجربة تشكُّل كل مجتمع من مجتمعات الفلسطينيين في الخارج، باستخدام الأدوات الديموغرافية والسوسيولوجية.