المفكر العربي عزمي بشارة ومن خلال إطلالاته الأسبوعية عبر التلفزيون العربي قدم صورة هي أقرب لما يجري مستشرفا مآلات العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وذلك من واقع معرفته بدهاليز السياسة الإسرائيلية.
وفي آخر لقاء له والذي صادف يوم الأحد الموافق 25 فبرارير2024 أشار بشارة إلى أنه من الممكن الوصول إلى صفقة مع الكيان الصهيوني مستدلا على ذلك بأن الحكومة الإسرائيلية تراجعت عن بعض القرارات الأخيرة التي اتخذتها هذه الحكومة في الآونة الأخيرة والتي من بينها السماح للغزيين بالتنقل بين شمال وجنوب غزة، وعودة المواطنيين الفلسطينيين إلى منازلهم في الشمال ،والسماح بدخول الإغاثة لهم موضحا أن القضيتين التي يجري التفاوض حولهما هما ؛أولا: كيف ستجري الحركة في الشمال ، والجيش الإسرائيلي وإعادة تموضعه وتوفير الماء ،والغذاء، والمسكن لمواطني شمال غزة والعدد الذي سيسمح له بالعودة من السكان الفلسطينيين إلى الشمال، وثانيا: التفاوض حول عدد الأسرى من الجانب الإسرائيلي والذين ستطلق المقاومة صراحهم وأعدادهم منوهاً إلى أن المفاوضات تتعلق بكبار السن ، والنساء من الأسرى الإسرائيليين، الذين يطلقون على هذه العملية (مفتاح التبادل) والمقصود بها وفقا لبشارة المعادلة التي سيتم إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين وفقا لها أي عدد الأسرى الإسرائيليين مقابل عدد المعتقلين الفلسطينيين وما يتعلق بهم من حيث مدة الحكم.
ويرى بشارة أن الحكومة الإسرائيلية تسعى إلى أن تتزامن المرحلة الأولى من التهدئة مع حلول شهر رمضان الفضيل تجنبا لاستفزاز المسلمين خلال هذا الشهر الذي له خصوصية عند الشعوب المسلمة. متوقعا أن تكون المرحلة الأولى هي ذاتها المرحلة الأخيرة راجيا أن لا يصدق هذا التبؤ الذي يستند إلى إصرار الجانب الإسرائيلي على أن لا يتم الحديث عن وقف دائم لإطلاق النار وعدم تعرضه لأي ضغوط حقيقية يجبره على ذلك .
كما كشف بشارة الستار عن اللعبة التي تمارسها إسرائيل بادعائها المتواصل بأنها متفائلة في الوصول إلى هدنة إنسانية وفي المقابل تقوم بعرقلة أي تقدم بهذا الاتجاه مبينا أن مثل هذه الممارسة تهدف إلى إلقاء اللائمة على الطرف الآخر الذي يفشل جهودها بتعنته مبديا اندهاشه من حديث نتياهو حول هذا التعنت المتمثل في المطالب الغير واقعية للمقاومة وفقا لتعبير رئيس الوزراء الإسرائيلي الذي وصفه بشارة بالوقح والمتبجح والشخص البربري الذي اعتاد ممارسة الكذب وذلك لوصفه الحاجات الأساسية لسكان غزة مثل الطعام والشراب بالمطالب الخيالية.
وحول أعداد المعتقلين الفلسطينيين الذين عرضت إسرائيل إطلاق صراحهم مقابل الأسرى الإسرائيليين فقد بين بشارة أن العدد يقرب من المائة والخمسين معتقلا مقابل ما يصل إلى ألف معتقل تطالب المقاومة بإطلاق صراحهم وأن الولايات المتحدة قد تدخلت لرفع العدد إلى بضع مئات مشيرا في السياق نفسه إلى أن موقف المقاومة الفلسطينية بهذا الشأن قد يصبح أكثر مرونة لأنها تركز على توفير مقومات الحياة لسكان القطاع وتسعى إلى الحد من معاناتهم وفي رأيه أن هذا الأمر ذو أولوية قصوى و يستحق إبداء قدر من المرونة لتحقيقه.
كما أوضح رئيس المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات أن كل ما يرشح عن مجلس الحرب الإسرائيلي(الكابينيت)يشير إلى أن الحديث يدور حول تأجيل الحرب وليس إيقافها بشكل كلي وأن الحكومة الإسرائيلية تسعى إلى السيطرة الكاملة على قطاع غزة وإيكال أمر إدارتها إلى حكومة محلية تشرف عليها تل آبيب مبينا في الإطار نفسه أن هذا التوجه يفتح الباب على مصراعيه لأشخاص كانوا يعملون في الأجهزة الأمنية في داخل غزة سابقا ولديهم رغبة بالعودة إلى غزة مصحوبين بدعم من دول مطبعة تعاونهم على ذلك وتسعى إلى تلميع صورتهم لتأهيلهم لهذا الدور مشيرا إلى كشف نتنياهو عن رغبته في التعاون مع دول لديها خبرة في مكافحة الإرهاب .
وعن جدوى السابع من أكتوبر والسؤال الذي بات يطرح في الساحة على ألسنة البعض حول ما إذا كانت المقاومة قد أخطأت في حساباتها؟ أوضح المفكر العربي بأن هذا السؤال إذا طرح من قبل من يدعم المقاومة فهو سؤال مشروع وان كان في التوقيت الخطأ؛ أما إذا طرح ممن هم في الأساس ضد المقاومة بكافة أشكالها وسبلها فهو سؤال عبثي الغرض منه التشويش على المقاومة مستنكراً أن يتم التغاضي عن جرائم إسرائيل غير المسبوقة في قصف المستشفيات والمدارس واستهداف المدنيين وتحميل المقاومة المسؤولية عما يقترف من جرائم بحق الإنسانية مؤكداً على أنه لا يوجد ما يبرر هذا الإجرام قطعياً.
وفي الاطار نفسه أوضح بشارة أن المقاومة قد حذرت الحكومة الإسرائيلية مرات عدة من مغبة ما تنتهجه من سياسات متطرفة تجاه المصلين في المسجد الأقصى، وما يعد من خطط بشأن الأقصى، والفصل الزماني والمكاني، والتنكيل بالأسرى، ومواصلة حصار قطاع غزة، ومضاعفة الاستيطان، ومصادرة أراضي الفلسطينيين، وإقامة المستعمرات، والاغتيالات في الضفة الغربية.
اما عن توقع ردة فعل إسرائيل فقد بين بشارة أنه من المؤكد أن المقاومة لم تتوقع ردة الفعل الهمجية ، والإجرامية لحكومة الاحتلال مشدداً على أنه لا يفترض من أي جهة أن تتوقع هذا الإجرام بحق المدنيين العزل لأن هذا مخالف لكل الشرائع الدولية والإنسانية كما رفض في الوقت نفسه إلقاء اللوم على المقاومة الفلسطينية عاقداً مقاربة مع ما جرى في سوريا ومتسائلاً باستغراب هل تلام الثورة السورية على ما جرى؟!