صدر حديثاً في أيار/ مايو 2024 عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات كتاب" الطوفان: الحرب على فلسطين في غزة" ، للمفكر العربي الدكتور عزمي بشارة ، والذي يقع في 184 صفحة من القطع المتوسط ويتكون من أربعة فصول هي:
- الفصل الأول بعنوان: (عملية طوفان الأقصى والحرب على غزة) وهو الفصل الرئيسي في الكتاب ويعد الإضافة النوعية لما كان قد تحدث عنه أو كتبه المؤلف سابقاً.
- الفصل الثاني بعنوان "قضايا أخلاقية في أزمنة صعبة" (دراسة نُشرت في دورية تبيُّن، العدد 47، شباط/ فبراير 2024).
- الفصل الثالث بعنوان "الحرب على غزة: السياسة والأخلاق والقانون الدولي" (محاضرة ألقاها بشارة في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات – الدوحة، في 28 تشرين الثاني/ نوفمبر 2023).
- الفصل الرابع بعنوان "الحرب على غزة وأسئلة المرحلة" (المحاضرة الافتتاحية لأعمال الدورة الثانية للمنتدى السنوي لفلسطين التي قدمها بشارة يوم 10 شباط/ فبراير 2024 في الدوحة، والتي نظّمها المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات بالتعاون مع مؤسسة الدراسات الفلسطينية).
يتناول الكتاب خلفية هذه الحرب ودوافعها، وأسباب إصرار إسرائيل على مواصلتها وعدم إنهائها، وإخفائها مخططات ما تسميه "اليوم التالي"، على الرغم من الخسائر التي تتكبدها. ويكشف عن حجم الجريمة التي ترتكبها إسرائيل بحق المدنيين الفلسطينيين من أعمال إبادة جماعية.
كما ويؤرخ لأحداث السابع من أكتوبر وحيثياتها والأسباب المؤدية لها مسلطاً الضوء على أن ما حدث لم يقع من فراغ و ليس مرده كون إسرائيل كيانا محتلا فقط وإنما أيضا للحصار والظروف غير الإنسانية التي فرضتها على سكان غزة والتي أحالت معها حياتهم إلى جحيم.
وفي هذا السياق يؤكد بشارة على أن قطاع غزة يعد منطقة محتلة وأن ما حدث في العام 2005 لم ينل على إثره القطاع حريته بل ضاعف من آلام سكانه وعن ذلك كتب:" "ظلت قوة احتلال في غزة من خلال تحكمها في حركة سكانها، وفي كل ما يدخل إليها ويخرج منها، وفي بحرها وأجوائها، وحوّلتها إلى معسكر اعتقال كبير هو الأكبر في العالم، حيث يُسجن فيه أكثر من مليوني فلسطيني".
و يصطحبنا الكاتب في رحلة سريعة اعتباراً من 2006 وصولاً إلى اللحظة الراهنة موضحاً أن ما حدث كان نتيجة متوقعة لما سبقه من أحداث بقوله:"هي ردّ على تواتر اقتحامات المستوطنين للحرم القدسي الشريف بحماية الشرطة الإسرائيلية وحرس الحدود، إلى درجة تشكيل واقع جديد من التقسيم الزماني فيه. وهي ردّ على الحصار المتواصل على القطاع وعدم الوفاء بالوعود المختلفة لتخفيفه بعد كل حرب من الحروب الأربعة. وهي أيضًا ردّ على سياسة معلنة لإساءة أوضاع الأسرى الفلسطينيين وظروف سجنهم منذ تأليف حكومة الائتلاف اليميني المتطرّف وتعيين إيتمار بن غفير وزيرًا للأمن القومي، وإعادة سجن أسرى محرّرين في صفقات سابقة. وكان أخذ رهائن لإجراء عملية مبادلة من أهداف العملية المعلنة، لإجبار إسرائيل على تنفيذ عملية تبادل"
وبالرغم من كل ما سبق إلا أن بشارة يرى بأن المقاومة أخطأت في تغير هدفها من الردع إلى الهجوم في ظل معطيات الوضع الراهن موضحاً ذلك بقوله: "لا يمكن أن تكون الاستراتيجيات هجومية في ظل ميزان القوى بين إسرائيل وحركات المقاومة في غزة والضفة الغربية، والأوضاع الإقليمية، حيث تنقسم الدول العربية بين دول معنية بالقضاء على حركة حماس، أو إخراجها من المعادلة الإقليمية على الأقل، وأخرى لا تستطيع أن تشاركها المواجهة المباشرة مع إسرائيل، أو غير راغبة في ذلك".
كما وتحدث المؤلف عن الإعلام العالمي وانحيازه المفرط للرواية الإسرائيلية على علاتها وركاكتها من خلال تبنيها و ترويجها باعتبارها حقيقة تؤيدها الشواهد والأدلة وقد كانت هذه سقطة كبيرة لوسائل إعلام طالما تباهت بنزاهتها .
وحذر بشارة من مغبة الانسياق وراء ما تستخدمه إسرائيل من تعبيرات مبالغ فيها لتوصيف الحالة في إسرائيل حيث يرى بأن التوصيف المبالغ فيه لما تعرضت له إسرائيل في السابع من أكتوبر له أغراض خبيثة منها تبرير ردة الفعل الوحشية والمبالغ فيها والتي ترقى إلى جرائم حرب بالإضافة إلى الحصول على تعاطف ودعم مطلقين من الولايات المتحدة وأوروبا في حربها على الفلسطينيين بدعاء أن ما تخوضه إسرائيل هي حرب وجودية.
وعن أسباب مواصلة إسرائيل لهذه الحرب وعدم السعي لإنهائها فقد أورد رئيس المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات الأسباب التالية:
- الرغبة الجامحة في الانتقام.
- استغلال الحرب من قبل قوى وازنة في المؤسسة الإسرائيلية لتنفيذ مخططات مؤجلة التنفيذ في الضفة الغربية والقدس.
- سعي نتنياهو إلى "انتصار مطلق" عبر اجتياح كل غزة، أي احتلال القطاع بأكمله، وجعله تحت السلطة الإسرائيلية.
أما عن الخسائر الإسرائيلية فقد حدد مايلي:
- خسائر اقتصادية كبيرة.
- ظهر بوضوح عجز إسرائيل عن خوض حرب طويلة من دون الدعم الأميركي.
- بيّنت الحرب أن دولة الاحتلال أصبحت عاجزة عن إدامة احتلالها الذي يتخذ شكل نظام فصل عنصري من دون ارتكاب جرائم ضد الإنسانية بمقاييس تصل حد الإبادة الجماعية.
- الاعتماد الكلي على تحالف صهيوني يميني ــ ديني يصطدم على نحو مباشر بنمط الحياة المدني العلماني الليبرالي الذي نشأ في ظروف ازدهار اقتصادي وتطور عملي، ويغير صورة إسرائيل في العالم.
- تضرّرت صورة إسرائيل في العالم بسبب ما ارتكبته وترتكبه في غزة، وصعدت حركات تضامن شبابية وطلابية واسعة ونشطة مع الفلسطينيين.