ما بات يعرف بمشروع بايدن والذي أعلن الرئيس الأمريكي بأن الهدف منه هو ربط أوروبا بآسيا لتسهيل النقل التجاري و خفض تكاليفه هذا فضلا عن ربط المراكز التجارية في القارتين الآسيوية والأوربية وتسهيل تطوير الطاقة النظيفة وتصديرها، ودعم أوجه التعاون في المجالات التجارية والتصنيعية القائمة، وتعزيز الأمن الغذائي وسلاسل التوريد، وربط شبكات الطاقة وخطوط الاتصالات عبر الكابلات البحرية لضمان الوصول المستمر إلى الكهرباء، وتعزيز ابتكار تكنولوجيا الطاقة النظيفة المتقدمة وربط المجتمعات بالإنترنت الآمن والمستقر ، وإطلاق العنان لاستثمارات جديدة بين الشركاء، بما في ذلك القطاع الخاص، وتحفيز و خلق فرص عمل جيدة وفقا للدراسة التي نشرها المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات ضمن سلسلة تقدير موقف والتي ترى أيضا بأن هنالك أهداف استراتيجية أخرى غير تلك الأهداف الاقتصادية المعلن عنها والتي يمكن تلخيصها على النحو التالي:
- قطع الطريق على مساعي الصين لاستقطاب دول الخليج وتثبيت الهيمنة الأمريكية على المنطقة من خلال اجهاض مشروع الصين المعروف بـ " الحزام والطريق" .
- توطيد الشراكة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة الأمريكية وشركائها في المنطقة بعد ما تردد بأن واشنطن تسعى للانسحاب من المنطقة ما دفع بدولها للبحث عن شريك آخر.
- ترسيخ اتفاقات "أبراهام" وتوسيع دائرة الدول العربية المطبعة مع الكيان الصهيوني وعلى رأسها المملكة العربية السعودية بما يسهم في دمج إسرائيل بالمنطقة.
- تضيق الخناق على إيران والعمل على تهميشها وافقادها ميزاتها الاستراتيجية الجغرافية من خلال الالتفاف عليها، وعزلها وقطع الطريق على أي اتفاقيات مستقبلية لها مع الهند أو دول أخرى يمكن أن تسهم في فك الحصار عن طهران.
- تعزيز موقف الهند مقابل الصين بحيث تمثل منافسا قويا لبكين.
- تكريس الدور الأمريكي كقائد للمنطقة من خلال تحفيز الأطراف المتعاونة مع واشنطن وفتح الطريق أمامها لتطوير اقتصادها من خلال الانخراط في مشاريع بناءة دون ممارسة ضغوطات عليها أو إغراقها بالديون وابتزازها كما فعلت الصين وفقا لتصريحات بايدن.
وتجدر الإشارة إلى أن كل من الولايات المتحدة الأمريكية، والمملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة ، والهند وفرنسا، وألمانيا، وإيطاليا، والاتحاد الأوروبي، كانوا قد وقعوا مذكرة تفاهم لإنشاء ممر اقتصادي يربط الهند بالشرق الأوسط وأوروبا، ويشمل الممر بناء خطوط للسكك الحديدية وأنابيب لنقل الطاقة، و كابلاً بحريًا جديدًا لنقل البيانات وربط موانئ المنطقة. وذلك على هامش قمة العشرين التي عقدت في نيودلهي في 9 – 10 أيلول/ سبتمبر 2023 .
تتلخص فكرة المشروع الذي تدعمه الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في ربط الهند بأوروبا عبر الشرق الأوسط، بما يخفض التكاليف اللوجستية للنقل، بنحو 40 في المئة، ويعزز فرص التنمية في المنطقة التي يشملها. ويتكون المشروع من ممرين: هما الممر الشرقي ويربط الهند بدول الخليج العربي، والممر الشمالي الذي يربط دول الخليج بأوروبا عبر الأردن وإسرائيل. و بناء عليه فإن الخريطة الجغرافية للمشروع المطروح بشكله الأولي تفيد أن الممر المقترح سيمتد، عبر بحر العرب من الهند إلى الإمارات، ثم يعبر السعودية والأردن وإسرائيل، قبل أن يصل إلى أوروبا عن طريق البحر المتوسط.
وعليه فإن هذا المشروع وفقا لدراسة تقدير الموقف يمثل ذروة المواجهة الاقتصادية الصريحة بين الولايات المتحدة والصين التي تسعى لتمدد في المنطقة على حساب واشنطن ، إلا أن الدراسة في المقابل تشير إلى وجود شكوك كبيرة حول مدى واقعية هذا المشروع الذي تكتنفه الكثير من الشكوك والتي يعززها عدم دخول الموقعين عليه في تفاصيل أساسية مثل حجم التمويل المالي المطلوب والجدول الزمني لتنفيذه بالرغم من الاتفاق على تشكيل لجنة مشتركة للاطلاع بهذه المهام إلا أن العديد من المشاريع الاستراتيجية سيما تلك التي يشترك فيها عدد كبير من الدول والتي تمتد عبر مساحات شاسعة أجهضت عند الخوض في التفاصيل.