قد تكون الانتخابات الأمريكية المزمع إجراؤها في تشرين الثاني/ نوفمبر 2024 الأكثر إثارة من بين الانتخابات التي جرت على الأقل في العشر سنوات الأخيرة لما احتوته من أحداث مثيرة لم يكن آخرها انسحاب الرئيس الحالي للولايات المتحدة الأمريكية جو بايدن لصالح نائبته كامالا هاريس بعد أسبوع من محاولة الاغتيال الفاشلة لمنافسه الرئيس السابق للولايات المتحدة الأمريكية لولاية واحدة و الرئيس الأكثر جدلا في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية دونالد ترامب والتي جرت في 13 تموز /يوليو2024 . وكان ترامب قد تفوق على منافسه السابق بايدن في المناظرة التي جرت بينهما في 27 حزيران/يونيو 2024 .
المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات أعد دراسة بعنوان " اتجاهات الانتخابات الأمريكية بعد صعود ترامب وانسحاب بايدن وترشيح هاريس" حاول فيها البحث في حظوظ كل من المرشحين الديمقراطي كامالا هاريس والجمهوري دونالد ترامب للفوز في الانتخابات القادمة.
وجاء في الدراسة أن المناظرة الأولى التي تمت بين المرشحين الرئاسيين تبعها انشقاق حاد في صفوف الحزب الديمقراطي والذي بدت عوامل تقدم السن ظاهرة على مرشحه الذي تمكن مرشح الحزب الجمهوري من هزيمته بسهولة بالرغم من ضعفه ومن كم الأكاذيب التي ضمنها خطابه المتهافت.
وترى الدراسة أنه مما ضاعف الضغط على بايدن من قبل شخصيات سياسية بارزة في الحزب الديمقراطي فضلا عن كبار المتبرعين الذين أعرب بعضهم عن حجب تبرعاته في حال إصرار بايدن على الترشح هو محاولة الاغتيال الفاشلة التي تعرض لها منافسه الجمهوري ترامب والتي أدت إلى توحد أعضاء الحزب الجمهوري خلفه كما أظهرته بمظهر البطل الذي يتعرض للاستهداف بسبب مواقفه المناهضة لسياسة الدولة العميقة في الولايات المتحدة الأمريكية والذي لا يعدو أن يكون موقفا شعبويا فيه من الخيال ما يتجاوز الواقع الحقيقي والغارق في تهم الفساد الأخلاقي والمالي والملاحق من قبل المحاكم الفدرالية في أمريكا.
ووفقا للدراسة فقد قرر بايدن أخيرا الانسحاب من السباق الرئاسي لصالح نائبته بعد ما أوضحت العديد من الدراسات عدم ثقة القاعدة الانتخابية للديمقراطيين به وتشككهم في قدرته على الفوز على خصمه الجمهوري بسبب تدهور وضعه الصحي الذي كان واضحاً للعيان سيما بعد إصابته بفيروس كورونا والذي وضع حالته الصحية على المحك سيما بعد الأداء المضطرب لبايدن خلال العديد من المناسبات مثل تصرفاته غير المفهومة والأخطاء الكارثية التي جاءت على لسانه في الخلط بين أسماء الرؤساء الذين التقاهم مما ألقى الضوء بشكل كبير على حالته الصحية.
أما بالنسبة للمرشحة الجديدة للحزب الديمقراطي كامالا هاريس فترى الدراسة أنها تتمتع بالعديد من الميزات ونقاط القوة التي حددتها على النحو التالي:
- هاريس تمثل البديل الأفضل للرافضين للمرشحين الرئاسيين السابقين بايدن وترامب وهم الكارهون لترامب والمتشككون في قدرات بايدن.
- تعد هاريس شابة مقارنة بكل من المرشحين السابقين وبدلا من أن يكون عامل السن نقطة قوة لترامب الأصغر سنا من بايدن فإن المرشحة الجديدة ستحيل عامل السن إلى نقطة ضعف له حيث تصغر ترامب ب (19 عاما) وبالتالي سيقع في نفس الشرك الذي نصبه لخصمه بايدن.
- تحظى هاريس بشعبية كبيرة بين الشباب والسود والنساء الذين يعدون شريحة مؤثرة في القاعدة الانتخابية للديمقراطيين.
- وقوف المتبرعين الرئيسيين للحزب الديمقراطي خلف هاريس التي استطاعت جمع 100 مليون دولار خلال يومي 21 و22 تموز/ يوليو، أي بعد انسحاب بايدن مباشرة، من أكثر من 1.1 مليون متبرع؛ 62 في المائة منهمساهموا لأول مرة.
في مقابل نقاط القوة هذه فإن ترامب وعلى الرغم من توحد الحزب الجمهوري خلفه إلا أن خطابه الشعبوي غير المسؤول والذي يتناقد في معظمه مع مبادئ المجتمع الأمريكي يمثل تهديداً كبيراً له لما يثيره من مخاوف لدى الجمهور الأمريكي الأمر الذي من شأنه أن يزيد من شعبية هاريس.
ولكن في المقابل فإن على هاريس مواجهة مجموعة من التحديات والتي تشير الدراسة إلى أنها من الممكن أن تعصف بفرصتها في الفوز في الانتخابات وهي:
- المحافظة على الزخم الكبير الذي بدأت به حملتها الانتخابية وعدم الإتيان بتصرفات من شأنها أن تبدد هذا الزخم.
- قدرتها على كسب المرشحين البيض الداعمين لبايدن.
- القدرة على بناء حملة قوية ومؤثرة خلال الوقت القصير جداً المتبقي والذي يقدر بـ (100 يوم) .
- قدرتها على الصمود في وجه الخطاب العنصري المناهض للنساء لمنافسها ترامب في ظل سجل سابق يوصف بالضعيف.
- قدرتها على كسب الولايات المتأرجحة والتي لعبت دورا في حسم الانتخابات السابقة لصالح بايدن.